مقال| الفساد بالأمر المباشر وغير المباشر !

أحمد الألفي

أسفرت التعديلات التى تم إجراؤها مؤخراً على قانون المناقصات والمزايدات الحكومية عن السماح لمسئولى الدولة بإبرام تعاقدات بالأمر المباشر أو بالإسناد المباشر إستثناءاً من القواعد العامة التى تقضى بالطرح فى مزايدة أو مناقصة علنية وعامة.

وتقضى هذه التعديلات بمنح سلطات التعاقد بالأمر المباشر بما لا يجاوز 500 ألف جنيه كقيمة للتعاقد أو التوريد وذلك لرئيس الجهة الإدارية أو الهيئة الحكومية وبما لا يجوز مليون جنيه بالنسبة للمقاولات، كما قضت هذه التعديلات بمنح الوزير أو المحافظ سلطة إبرام تعاقدات بالأمر المباشر بما لا يجاوز خمسة ملايين جنيه وعشرة ملايين جنيه بالنسبة للمقاولات.

وكان القانون الحالى يحظر الإسناد بالأمر المباشر إلا فى أضيق الحدود وبموافقة مجلس الوزراء، وقد جاءت هذه التعديلات لتطبق بالنسبة للحالات العاجلة فقط، أما الحالات غير العاجلة فيجب طرحها فى مناقصة أو مزاديدة عامة وعلنية.

وبطبيعة الحال فإن أى قانون أو تعديلات لأى قانون ينقسم المتخصصين حولها بين مؤيد ومعارض.

فنجد الفريق المؤيد لهذه التعديلات يعلل ذلك بأن سرعة البت والحسم تقضى بمنح هذا الصلاحيات للمسؤلين من جهة، ومن جهة أخرى لا يجب أن يتجرد المسئول من أى صلاحيات تمكنه من سرعة التصرف وإتخاذ القرار فى حدود مبالغ مالية معينة، ومن المفترض فى أى مسئول أن يكون حريصاً على المال العام ويتمتع بالشفافية والنزاهة معاّ، فهذا هو رأى الفريق المؤيد للإسناد بالأمر المباشر وهو رأى له وجاهته وأسانيده المنطقية.

أما الفريق المعارض فيجد أن ذلك الإسناد بالأمر المباشر يفتح الباب أمام الفساد والمحاباة والمحسوبية والمجاملات، كما أن الحالات العاجلة تعد حالات مطاطة و يصعب وضع معايير دقيقة لقياسها وتحديدها من جهة ، ومن جهة أخرى أن الإسناد بالأمر المباشر يتضمن إهدار للمال العام لأنه لا يحقق لعمليات الحكومة أفضل الأسعار والشروط لأنه يتم بدون أى منافسة سعرية بالمقارنة بالمزايدة والمناقصة العلنية التى تحقق للحكومة أفضل الأسعار، وبالطبع هذا الرأى  الآخر يستند إلى أسباب موضوعية و قيمة جداً.

ولكن واقع الحال يكشف النقاب عن مدى تفشى الفساد الكفيل بإختراق المناقصة أو المزايدة الحكومية ، وكم رأينا المزادات والعطاءات الصورية لإستيفاء الجوانب التى رسمها القانون على الورق فقط ، وفى الواقع لا تخلوا المزايدة أو المناقصة من الفساد المبين !.

ولا يقتصر الفساد فى بعض المزايدات و المناقصات الحكومية على مرحلة الإسناد فقط ، بل يمتد إلى المراحل التالية لذلك من تسليم وفحص وعدم مطابقة للمواصفات ودفع المعلوم و المجهول لسرعة إصدار الشيكات والمستخلصات وخلافه.

إذن فالقضية ليست فى الإسناد  بالأمر المباشر أو الطرح العام للمناقصة ، بل القضية تكمن فى حسن إختيار المسئولين المنوط  بهم  مسئولية مزادات ومناقصات الحكومة ، فعلى مستوى كل مؤسسة أو جهة الشريف معروف بالأسم وبالسيرة الذاتية و اللص والمرتشى معروف أيضاً بالأسم وبصحيفة حالته الجنائية العرفية فى الفساد .

فالمطلوب حسن وتدقيق الإختيار من جهة , ومن جهة أخرى الحسم ومحاسبة كل منحرف أياً  كان موقعه ، عندئذ سوف تنحصر دائرة الفساد ، فليس معنى منح سلطات الشراء بالأمر المباشر للمسئول عدم مراقبته ولا محاسبته إذا إنحراف و/أو أساء إستخدام هذه السلطات , فإذا علم هذا المسئول أنه سيخضع للمحاسبة لن يسئ إستخدام سلطاته ، لأن الأخطر أن ينعم المسئول اللص بسرقاته جهاراً نهاراّ و لا يحاسبه أحد برغم وجود و تعدد الأجهزة  الرقابية لمحاربة الفساد!!

حكمة مازحة

متى يختفى الفساد فى المناقصات الحكومية؟؟

عندما لا نمنح السلطات لشيخ منصر!!

CNA– مقال بقلم،، أحمد الألفي، الكاتب والخبير المصرفي

موضوعات ذات صلة
أخبار كاش