أحمد زغلول يكتب: 300 مليار دولار تدفع العالم إلى حافة أزمة مالية جديدة

أحمد زغلول

يبدو أن اقتصادات العالم ستصاب بالحساسية تجاه أية شركات تحمل لفظة “إيفر” ضمن اسمائها.. فقبل أشهر قليلة تسببت شركة إيفرجيفن في احتقان للتجارة العالمية، حينما جنحت سفينتها العملاقة لنقل الحاويات بمدخل قناة السويس لمدة 6 أيام.. والآن تطفو إلى السطح أزمة تقض مضاجع المستثمرين بالأسواق المالية العالمية، وهذه المرة يتصدر المشهد شركة إيفرجراند الصينية العملاقة.

وشهدت الأيام الماضية تحذيرات وحالة من الترقب بين الحكومات والمؤسسات المالية والمستثمرين في دول العالم، بعد أن تلقت أسواق المال الضربة الأولى لأزمة شركة العقارات الصينية العملاقة “ايفرجراند” والتي تواجه ضغوطًا هائلة في السيولة، في الوقت الذي وصلت فيه قيمة مديونياتها إلى ما يربو على 300 مليار دولار، تجعلها ملزمة بدفع مئات الملايين من الدولارات فائدة لحائزي سنداتها شهريًا.

ديون مجموعة “إيفرجراند”

ومجموعة إيفرجراند، هي ثاني أكبر مطور عقاري في الصين وتعمل في أنشطة أخرى كالطاقة المتجددة والسيارات.. وبدأت أزمة تراكم ديوان إيفرجراند في الظهور إلى العلن منذ العام الماضي، عندما شرعت الحكومة الصينية في اتخاذ سلسلة من الإجراءات تهدف لضبط اقتراضها، كجزء من حملة لمعالجة الديون الضخمة المقلقة التي راكمتها الشركات العقارية، وتسبب ذلك إلى الحد من قدرة إيفرجراند على إنهاء بناء العقارات وبيعها لسداد ديونها.

وطبقًا لمذكرة بحثية صادرة عن بنك الاستثمار “برايم” فإن الشركة الصينية العملاقة، تدين بنحو 300 مليار دولار لأكثر من 170 مصرفًا ومؤسسة مالية، لتصبح محملة بأكبر عبء ديون لأي شركة إدارة أو تطوير عقارات مدرجة بالبورصات العالمية.

أزمة سيولة وخطط لإعادة هيكلة الديون

وخلال الشهر الجاري أصدرت الشركة تقريرا متشائما حول صحتها المالية قائلة إنها تواجه ضغوطًا هائلة في السيولة وقد عينت مستشارين للنظر في إعادة الهيكلة التي قد تكون من أكبر عمليات إعادة هيكلة للديون في البلاد.

يأتي التقييم الأخير بعد أن بدأت ثقة السوق في الشركة بالتدهور في مايو ليتبع ذلك سلسلة من الاحتجاجات على مدار الأسبوع الماضي من قبل مشتري المنازل الغاضبين والمستثمرين الأفراد والموظفين الذين يطالبون الشركة بالوفاء بالتزاماتها.

وقالت الشركة، إنها لم تحرز أي تقدم ملموس بشأن خطط بيع حصص في وحداتها لخدمات السيارات الكهربائية والخدمات العقارية، مضيفة أن البيع المخطط لمقرها في هونغ كونغ لم يكتمل كما هو متوقع.

التأثيرات على أسواق المال

وتثير أزمة “إيفرجراند” مخاوف حيال انتقال العدوى في قطاع العقارات الصيني المثقل بالديون، علما أنه يساهم في أكثر من ربع ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وهو أمر سيؤثر بالتالي على المصارف والمستثمرين، بحسب “فرانس برس”.

وهبطت الأزمة بأسهم الشركة وشركاتها التابعة في بورصة هونغ كونغ إلى أدنى مستوياتها في نحو 11 عاماً، الأمر الذي جعل أكبر مساهميها “هوي كان يان” في المرتبة الثالثة كأكثر المليارديرات خسارة في الصين خلال العام الحالي.

وتأثير الأزمة كان واضحًا يوم الاثنين بالأسبوع الماضي في انخفاض مؤشر “إس آند بي 500” الأمريكي بنسبة 1.7%، وهو أكبر هبوط له منذ مايو ، كما تراجعت الأسهم اليابانية والصينية إلى جانب العملات المشفرة.. وبسبب خسائر الأسهم ليلة الاثنين، فقد أغنى 500 شخص في العالم ما مجموعه 135 مليار دولار من صافي ثرواتهم، ما زاد حدة القلق في الأسواق.

تكرار أزمة بنك ليمان براذرز

وثمة مخاوف من تكرار ما حدث مع مصرف “ليمان براذرز” الذي تسبب افلاسه إلى الأزمة المالية في 2008 في الولايات المتحدة، والتي أحدثت هزة كبيرة في البورصات العالمية، وتتجه الأنظار الآن إلى الحكومة الصينية التي لم توضح ما إذا كانت ستساعد هذه المجموعة الخاصة أم لا.

وأوضح الخبير الاقتصادي د.محمد العريان، في تصريحات له ، أن عدوى إيفرجراند بدأت تظهر بالفعل في الأسواق، وقال إن السوق الصيني يمر بمرحلة انتقالية وهناك حديث بين المستثمرين أن إيفرجراند يمكن أن يعيد تكرار سيناريو “ليمان براذرز” بالنسبة للصين، في إشارة إلى انهيار بنك الاستثمار الأميركي الذي تسبب في الأزمة المالية العالمية لعام 2008.

لكنه عاد لنفي احتمالية حدوث أزمة مالية أخرى على غرار عام 2008، قائلاً “لا أعتقد أننا وصلنا لهذه المرحلة”، “لكن هذا الشعور موجود”.

وقد هدأت المخاوف بنهاية الأسبوع الماضي بعض الشيء في الأسواق المالية، بعد بيان غامض الصياغة من إيفرجراند بشأن سداد الكوبون المستحق على سنداتها المحلية باليوان، حيث قالت وحدة العقارات التابعة لشركة ايفرجراند إن سداد الفائدة المستحقة يوم 23 سبتمبر على إحدى سنداتها المقومة باليوان، تمت تسويته من خلال مفاوضات خارج غرفة المقاصة من دون تحديد المبلغ المستحق أو تاريخ تسديده.

إلا أن حاملي السندات ومستثمري الأسهم ووكالات التصنيف الائتماني يتوقعون تخلف “إيفرجراند” عن السداد بالفترة المقبلة، ويؤكدون أن إعادة هيكلة الديون أمر شبه حتمي.

إجراءات صينية لتعزيز السيولة

واضطر  بنك الشعب الصيني يوم الخميس الماضي إلى ضخ 17 مليار دولار نقدًا من خلال اتفاقيات إعادة شراء عكسية مدتها سبعة و14 يومًا، وأتى ذلك وسط مخاوف بشأن أزمة ديون مجموعة إيفرغراند Evergrande، وتعتبر هذه السيولة هي الأكبر على المدى القصير منذ أواخر يناير.

يُشار إلى أن المركزي الصيني قام قبل جلسة الخميس، بضخ السيولة لثلاث جلسات متتالية بهدف تهدئة الأسواق من أزمة إيفرجراند المتعثرة، وكانت الحاجة إلى المساعدة في تهدئة توترات السوق ملحة، حيث تتسرب المخاوف بشأن قدرة Evergrande على الوفاء بالتزاماتها إلى الأسواق العالمية.

ومن جانبها خفضت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية توقعات النمو الاقتصادي للصين لعامي 2021 و 2022، بسبب أزمة شركة “أيفرجراند” وتأثيراتها، حيث من المتوقع تباطؤ في سوق العقارات، وطبقًا لوكالة فيتش من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 8.1% هذا العام، انخفاضًا من التوقعات السابقة البالغة 8.4%، بينما تم خفض التوقعات لعام 2022 إلى 5.2% من 5.5%.

تأثيرات على السوق المحلية

أما تأثيرات الأزمة على السوق المصرية، فقد أكد خبراء أن ذلك يتوقف على ما سيحدث في الفترة المقبلة من جانب السلطات الصينية لمساندة الشركة من عدمه، لافتين إلى أن التأثير الأوضح يمكن أن يكون على تعاملات البورصة، حيث يمكن أن تتسبب الأزمة في انكشاف مراكز مالية لمستثمرين أجانب بسوق المال المصرية، مما يدفعهم إلى تسييل استثماراتهم في بعض الأسواق.

CNA– بقلم أحمد زغلول

موضوعات ذات صلة
أخبار كاش