أحمد زغلول يكتب: المضاربة على الدولار.. والمكاسب الزائفة

أحمد زغلول

يُقبل كثيرون، في هذه الأيام، على الاحتفاظ بالعملات الأجنبية وفي مقدمتها الدولار، رغبة في تحقيق مكاسب من تعويم مُرتقب، أو زيادة السعر يومًا بعد الآخر في السوق السوداء، فالفارق المحقق في سعر العملة أصبح مطمعًا وأملًا، وكلما ارتفع الدولار في السوق السوداء ارتفعت معه المطامع للوصول إلى مستويات أعلى.

لكن تعالوا نصطف لنضع أنفسنا أمام الحقيقة التي نعلمها جيدًا، فما يتم تحقيقه من زيادات في سعر الدولار أمام الجنيه، ما هي إلا زيادة في عدد الأوراق النقدية التي نحصل عليها فقط بلا مكاسب حقيقية، فبعد أن كان الدولار بسعر 15 جنيهًا قبل أقل من عامين، أصبح الآن بما يزيد على 30 جنيهًا رسميًا، وفي السوق السوداء تخطى الخمسين.

وهنا لابد أن نتوقف لنحسب المكاسب التي يمكن أن نكون قد حققناها إذا كنا نحتفظ بالدولار على مدار العامين وحتى الآن، واضعين في الاعتبار ما نتج عن أزمة العملة من ارتفاع جنوني في السلع والخدمات وصلت نسبته لأكثر من 100% و150% في أسعار الوحدات السكنية والطعام والسيارات وغيرها.

• مكاسب وهمية

في الحقيقة سنجد أنفسنا أمام خسائر فادحة وليست مكاسب، أما الزيادة في عدد الأوراق النقدية فهي كبيرة لكنها مجرد “غثاء”، إلا في حالة واحدة، إذا كنت بصدد افتتاح محلًا للفول والطعمية وتخطط للف الطعمية في الأوراق النقدية بدلًا من الدشت فذلك شيء أخر.

وأؤكد هنا أن مقالي ليس بغرض إلصاق مسئولية ما يحدث بالمواطن الذي يحتفظ بالدولار أو يضارب عليه بالسوق السوداء، فالمسئولية الأساسية مُلقاه على الحكومة والبنك المركزي وطريقة إدارة الأزمة في ظل التحديات الدولية، لكن ما أود التأكيد عليه أيضًا، أنه لابد ألا نكون أداة لضرب العملة المحلية واستمرار نزيفها، لأن ذلك يزيد معاناتنا جمعيًا.

ماذا نفعل إذن؟ ..هل نتنازل عن الدولار بثلاثين جنيهًا للبنوك وهو في السوق السوداء بخمسين؟ .. الإجابة ببساطة، لا تتخلى عن الدولار، لكن بدلًا من الاحتفاظ به في خزينتك الخاصة، فلتضعه في حساب دولاري أو شهادة بالبنك، ذلك سيحقق مكاسب كبيرة.

• مكاسب إيداع الدولار في البنوك

وأول المكاسب هو توفير العملة للبنوك على المدى المنظور والقصير لفتح الاعتمادات لاستيراد السلع الهامة، وهو ما سيقلل الطلب على الدولار في السوق السوداء لأن جزءًا كبيرًا من هذا الطلب يقوده المستوردون، وعليه فسيتراجع السعر غير الرسمي، وتزيد الثقة في قدرة البنوك على الوفاء بمتطلبات الدولة من العملة الأجنبية، وذلك سينعكس على سعر السلعة المستوردة الذي سيكون في مستويات مقبولة، بدلًا من استمرار ارتفاعه.

أما المكسب الثاني فهو تحقيق عائد على هذه المدخرات يصل إلى 3% في حالة ترك الأموال في حساب توفير دولاري، أو عائد يتراوح بين 5 إلى 9% في حالة الربط بشهادات الادخار، مع استمرار امتلاكك لهذه الأموال وحقك الكامل في استردادها بذات العملة المودعة، أي أنك لن تخسر شيء، ستساهم في عودة الاتزان لأسعار السلع، وستزيد أيضًا قيمة أموالك.

لا أخفيكم سرًا أن مؤشرات توافر الدولار في البنوك ليست جيدة، وأن رافدًا واحدًا من روافد النقد الأجنبي للجهاز المصرفي وهو تحويلات العاملين بالخارج انخفضت تدفقاته بما يزيد على 10 مليارات دولار، حيث كانت قيمة التحويلات في سنوات ماضية تتخطى 30 مليار دولار سنويًا، أما الآن فهي تقترب من 20 مليار دولار وقد تقل، وذلك نتيجة التنازل عن هذه التحويلات في السوق السوداء أو الاحتفاظ بها بعيدًا عن الجهاز المصرفي.

• حملة إعلامية موسعة وعاجلة

والمطلوب الآن منا في أجهزة الإعلام، إطلاق حملة إعلامية موسعة بالتعاون مع القطاع المصرفي، لشرح ضرورة إيداع النقد الأجنبي في البنوك، من أجل المساهمة في كبح موجة الغلاء ودعم العملة الوطنية، لأن ذلك هو الإجراء الأنسب والأقوى حاليًا للمشاركة المجتمعية في مواجهة الأزمة.

CNA– مقال بقلم،، أحمد زغلول، كاتب صحفي متخصص في الشأن الاقتصادي

موضوعات ذات صلة
أخبار كاش