مقال| كيف تحمي البنوك 3.5 تريليون جنيه؟

أحمد زغلول

لم تنته أصداء ما تردد منذ ما يزيد على الشهر بشأن قيام أحد موظفي البنوك بالاستيلاء على ودائع عميل  .. فرغم قيام ذلك البنك بالتأكيد على عدم صحة ما تم تداوله.. إلا أن الواقعة تركت أثرًا كبيرًا لدى كافة البنوك، ليشهد الجهاز المصرفي ما يشبه الانتفاضة لإغلاق أيّة ثغرات في العمليات الرقابية والمراجعة الداخلية من أجل ضمان المزيد من الحماية لمدخرات المواطنين ومواجهة أيّة محاولات للتلاعب بشكل حاسم وسريع.

ولا تعكس التحركات التي تجريها البنوك حاليًا، تقصيرًا سابقًا في حماية أموال المودعين ، لكن كافة إجراءات المراجعة الداخلية والرقابة  لابد أن تتطور بشكل مستمر ومتسارع لقطع الطريق أمام ضعاف الأنفس، الذين يمكن أن يحدثوا هزة في ثقة العملاء بالجهاز المصرفي.

وقد سارع البنك المركزي في الأيام الماضية، باتخاذ قرار هام للغاية من أجل تقوية المراجعة والرقابة ، حيث ألزم كافة البنوك بإجراء تقييمات خارجية للمراجعة الداخلية مرة واحدة علي الأقل كل خمس سنوات بواسطة فريق مراجعة مؤھل ومستقل، ولهذا القرار أهمية كبيرة لتقييم مدي كفاءة وفاعلية أنشطة المراجعة الداخلية لدى البنوك .. وستكون كافة البنوك ملزمة في اكتوبر المقبل بتقديم تقريرًا مفصلًا للبنك المركزي  عن المراجعات التي أجرتها الجهات الخارجية.

ولا يقتصر الأمر فيما يتعلق بتطوير المراجعات الداخلية بالبنوك على السوق المحلية، لكن الأجهزة المصرفية في العالم تحاول جاهدة في الفترة الأخيرة الوصول إلى أعلى درجات الحماية الممكنة من التلاعبات المحتملة في تعاملاتها .. وذلك نظرًا لما تكبدته بنوك كبرى من خسائر وما تلطخت به سمعتها من فضائح نتيجة تلاعبات هزت الثقة فيها بشكل كبير.

ولا يفوتنا هنا إلقاء الضوء على واحدة من أكبر الفضائح المصرفية التي حدثت في السنوات الـ 10 الأخيرة، حيث قام أحد موظفي بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي بالمضاربة بشكل غير قانوني بأموال البنك، الأمر الذي كبد المصرف خسائر مروّعة بلغت 4.9 مليارات يورو..  وثمة تلاعبات كبرى حدثت مؤخرًا أيضًا في مؤسسات مالية مختلفة، وهو الأمر الذي يفرض بقوة أن تتسلح البنوك بأحدث وأكثر إجراءات الرقابة فاعلية.

لا ننكر أن البنك المركزي يبذل قصارى الجهد للوصول إلى أعلى درجات الأمان، وتحقيق مبدأ “الائتمان” الذي تقوم عليه الأعمال المصرفية بشكل عام، وذلك من خلال القواعد والإجراءات والرقابة التي يفرضها على البنوك، إلى جانب ضمانه لكافة مدخرات المواطنين بالبنوك بنسبة 100%، وهو ما يقوي الثقة في الجهاز المصرفي المصري الذي أصبح مسئولًا عن مدخرات تقترب من 3 تريليونات ونصف تريليون جنيه، لكن هناك إجراءات لابد من عدم إغفالها والتأكيد عليها بالنسبة للبنوك.

وعلى رأس هذه الإجراءات أن يكون اختيار البنوك  لموظفيها مستندًا على سمعة الموظف وكفاءته فقط ، إلى جانب  ضرورة أن تكون إدارات الالتزام والمراجعة بالبنوك قويّة ويقظة لجميع المستندات والتعاملات ،كما تقع مسئولية كبيرة على مديرى الفروع، حيث من غير المقبول ألا يقوم مدير الفرع بدوره فى مراجعة الحسابات الخاصة بفرعه والتعاملات عليها.

CNA– مقال بقلم،، أحمد زغلول، كاتب صحفي متخصص في الشأن الاقتصادي

موضوعات ذات صلة
أخبار كاش