مقال..كيف تضمن حقك في إيصالات الأمانة

تُعد إيصالات الأمانة من أكثر الوسائل شيوعًا في المعاملات المدنية والتجارية بين الأفراد، خاصة عندما لا توجد ثقة كافية أو ضمانات مالية بين الأطراف. ورغم بساطة الورقة في ظاهرها، إلا أن التعامل غير الصحيح معها قد يؤدي إلى ضياع الحق أو بطلان الإيصال قضائيًا.
في هذا المقال، أحاول توضيح كيفية ضمان حقك في إيصال الأمانة من الناحية القانونية، طبقًا لأحكام القانون وأحدث أحكام محكمة النقض.
أولًا: ما هو إيصال الأمانة من الناحية القانونية؟
وفقًا لنص المادة 341 من قانون العقوبات المصري، يعاقب بالحبس كل من اختلس أو استعمل أو بدد مالًا منقولًا سُلّم إليه على سبيل الأمانة، متى كان التسليم بناءً على عقد من العقود التالية:
(الوديعة- الإيجار- الوكالة)
أو أي عقد يوجب على من يتسلم المال رده أو استعماله في أمر معين لصالح المالك.
ويُعد إيصال الأمانة صورة من صور عقد الوديعة، حيث يقوم شخص (المودِع) بتسليم مبلغ من المال أو منقول إلى شخص آخر (المودَع لديه) على أن يرده إلى شخص ثالث أو إلى المودِع نفسه.
ثانيًا: الشكل القانوني السليم لإيصال الأمانة
لكي يكون الإيصال صحيحًا ومعتبرًا أمام القضاء، يجب أن يتوافر فيه عدد من الشروط الأساسية:
1. تحديد أطراف الإيصال بوضوح
يجب أن يتضمن الإيصال:
اسم المستلم (المتهم المحتمل) رباعيًا ورقمه القومي.
اسم المودِع أو صاحب الحق.
اسم الشخص الثالث (إن وجد) الذي يُسلَّم إليه المال.
العنوان الكامل لكل طرف.
2. تحديد المبلغ تحديدًا دقيقًا
كتابة المبلغ بالأرقام والحروف لتجنب التلاعب.
3. تحديد سبب التسليم أو الغرض من الأمانة
مثلاً: “تم استلام مبلغ وقدره (…) على سبيل الأمانة لتسليمه إلى (…)”.
لأن غياب هذا السبب قد يجعل القاضي يشك في نية التسليم.
4. التوقيع بخط اليد أمام شاهدين إن أمكن
وجود شاهدين يُعزز موقفك في حالة النزاع، رغم أن القانون لا يشترط الشهود إلزامًا.
5. كتابة التاريخ الصحيح
لأن أي تلاعب في التاريخ يمكن أن يؤدي إلى بطلان الإيصال أو الطعن بالتزوير.
ثالثًا: أخطاء شائعة تُبطل إيصال الأمانة
1. كتابة الإيصال على بياض
أخطر الأخطاء على الإطلاق، لأنه يسهل الطعن بالتزوير أو الادعاء بعدم وجود تسليم فعلي للمال.
2. أن يكون المبلغ في الإيصال دَينًا وليس أمانة
في هذه الحالة تنتفي الجريمة الجنائية، لأن العلاقة تصبح مدنية (دين بين طرفين) وليست أمانة.
3. اختلاف التوقيع أو بيانات البطاقة
يتيح للمتهم الدفع بعدم صلته بالإيصال أو الطعن في صحته.
4. عدم وجود واقعة تسليم حقيقية للمال
لأن إثبات التسليم من أهم أركان الجريمة طبقًا لمحكمة النقض.
رابعًا: كيفية إثبات حقك عند النزاع
إذا أنكر الطرف الآخر استلام المبلغ أو حاول التنصل من الإيصال، فإليك أهم الطرق القانونية لحماية حقك:
1. تحرير محضر رسمي بالواقعة
في قسم الشرطة التابع لمحل إقامة المتهم، مرفقًا أصل إيصال الأمانة.
2. تحريك الدعوى الجنائية
بتحرير بلاغ للنيابة العامة ضد المودَع لديه بتهمة تبديد إيصال أمانة طبقًا للمادة 341 عقوبات.
3. الاحتفاظ بصورة من الإيصال وأي مراسلات بينكما
مثل رسائل نصية أو تحويلات بنكية تُثبت التعامل المالي.
4. طلب إحالة الدعوى إلى خبير خطوط
في حال ادعى المتهم التزوير في التوقيع أو التاريخ.
خامسًا: ملاحظات هامة من أحكام محكمة النقض
الحكم رقم 1975 لسنة 48 قضائية:
“يجب لقيام جريمة خيانة الأمانة أن يكون المال قد سُلِّم إلى الجاني على سبيل الأمانة بناءً على عقد من العقود المحددة قانونًا، فإذا كان التسليم على سبيل القرض أو المعاملة التجارية، انتفى الركن المادي للجريمة.”
الحكم رقم 245 لسنة 59 قضائية:
“إيصال الأمانة لا يُعتبر سندًا مدنيًا فحسب، بل هو ورقة ذات حجية جنائية متى توافرت أركان التسليم والأمانة والاختلاس.”
سادسًا: نصيحة قانونية
لضمان حقك الكامل في إيصال الأمانة:
لا تُسلِّم الإيصال فارغًا أو غير موقع أمامك.
لا تُحرِّر إيصال أمانة لمجرد ضمان دَين، بل استخدم عقد قرض أو سند إذني في هذه الحالة.
استخدم إيصال إلكتروني موثق أو وقّعه أمام محامٍ أو كاتب عدل إن أمكن، لتجنب أي نزاع مستقبلي.
احتفظ بنسخة مصورة واضحة من الإيصال في مكان آمن.
الخلاصة.. إيصال الأمانة سلاح ذو حدين؛ يمكن أن يكون ضمانًا قويًا لحقوقك إذا تم تحريره بشكل صحيح،
ويمكن أن يتحول إلى ورقة بلا قيمة إذا تم التعامل معه باستهتار أو جهل قانوني.
CNA- مقال بقلم،، أ.عيد زغلول، المحامي

