مقال .. لماذا المؤتمر الاقتصادى الآن؟

MOHAMMED REDA
محمد رضا

يتساءل المواطنون لماذا المؤتمر الآن وماهي حقيقة وضع الاقتصاد المصري … الحقيقة أن مصر بحاجه ماسة إلي مجموعة كبيرة من الإجراءات الإصلاحية طوية الأمد مع خطة أستثمارية كبيرة لأنتشال أقتصادها المتعثر من أزمته الحادة التي يعاني منها حالياً .

وفي هذا المؤتمر فرصة كبيرة لعرض رؤية مصر للإصلاح الاقتصادي وخطتها الاستثمارية أمام العالم لإستعادة ثقة العالم في الاقتصاد المصري وتوجيه رسالة للعالم بدعم الحكومة المصرية لريادة القطاع الخاص لقيادة الاقتصاد المصري وكذلك وفي جدية الحكومة نحو طريق الإصلاح.

والحقيقة التي يجب أن نواجهها بكل شفافية هي أن مصر تواجه العديد من التحديات عقب أربع سنوات من عدم الإستقرار السياسي وتباطؤ النشاط الاقتصادي والذي أثر بالسلب على الثقة والنشاط الاقتصادى والاستثمار والسياحة وأدت الاضطرابات السياسية التي اندلعت في عام 2011 إلى إضعاف النمو وزيادة البطالة وارتفاع الدين العام وانخفاض الاحتياطي من النقد الإجنبي وتوسيع حجم اختلالات الموازنة العامة للدولة والحسابات الخارجية.

وعلى مدار الأربع سنوات الأخيرة، اقتصر معدل النمو على متوسط قدره 2%، وارتفع معدل البطالة متجاوزًا 13% فى 2013/2014. أما الفقر فقد زاد إلى 26.3% فى الفترة 2012/2013 وتجاوز عجز المالية العامة 10% من إجمالي الناتج المحلي منذ عام 2011 حيث سجل 15.8% فى 2013/2014  ومعظمه يموَّل من مصادر محلية، الأمر الذي ساهم في ارتفاع مستوى التضخم نسبيًا؛ كما بلغ الدين العام 90.5% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في منتصف 2014.

وشكلت أجواء عدم اليقين السياسي عبئا على السياحة والتدفقات الرأسمالية، مما تسبب في انخفاض الاحتياطيات من 6.8 شهرًا من الواردات في منتصف 2010 إلى 2.2 شهرًا من الواردات فى ديسمبر 2014. ومع ذلك، فإن النظام المصرفي، الذي بدأ من مركز قوي نسبيًا، كان صامدًا في مواجهة الصدمات واستطاع الحفاظ على الربحية وانخفاض مستوى القروض المتعثرة وارتفاع مستوى السيولة.

وتواجه مصر مجموعة كبيرة من التحديات والمخاطر التي قد تؤثر على نجاح أهداف المؤتمر في جذب الاستثمارات الاجنبية وفقاً للآمال العريضة والكبيرة المعقوده عليه، وتبرز أهم التحديات في تأجيل الإنتخابات البرلمانية والتي أدت إلي تأخر إستكمال خارطة الطريق السياسية حيث قضت المحكمة الدستورية ببطلان بعض مواد القانون المنظم لإنتخابات مجلس النواب والذي أدى إلي وقف إجراء الانتخابات لحين تعديل القانون لتطول الفترة الإنتقالية لإكتمال بناء مؤسسات الدولة وتشير بعض التكهنات بأن تكون في نهاية عام 2015.

كما يأتي تأخر الحكومة في الأنتهاء من إصلاح التشريعات الاقتصادية والاستثمارية والتي أعلنت عن عزمها القيام بها مؤخراً  بجانب عدم أستقرار التشريعات الضريبية وتغيرها أكثر من مرة في فترات زمنية قصيرة جداً ليضعف من جاذبية مناخ الأعمال للاستثمارات الاجنبية، ونأتي لأحد أهم التحديات الكبيرة وهي حالة عدم الاستقرار الأمني والهجمات الأرهابية الواسعة التي تتعرض لها البلاد وتصاعدها بجانب العمليات العسكرية والأمنية الممتدة والمستمرة ضد التظيمات الأرهابية في شمال سيناء، مروراً بالإضطرابات الإقليمية والتي تحيط بحدود مصر في كافة الاتجاهات.

وتأتي أحدى أبرز وأهم المخاطر والتحديات التي تواجه جهود جذب الاستثمارات الأجنبية في مصر هي تزايد المخاوف من دخول مصر في حرب ضد مايعرف بـ داعش والتي أزدادت بالضربات الجوية التي نفذتها القوات المسلحة المصرية ضد معاقل التنظيم في ليبيا، وتمثل كافة هذه التحديات مخاطر وتحديات لمدى نجاح في جذب الاستثمارات الاجنبية حيث أن رأس المال الأجنبي دائما مايتصف بالخوف ودائماً مايبجث عن الاستثمار في دولة تنعم بالاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والامني لأن عادة مايكون الاستثمار الاجنبي المباشر طويل الأجل ويستمر لسنوات لذلك يكون من الهام بالنسبة له التأكد من مستقبل الدولة وخططها.

وفي الفترة الأخيرة بدأت نظرة العالم تتغير للاقتصاد المصري وخاصة المؤسسات الدولية، حيث قدم صندوق النقد الدولي تقريرًا عن الاقتصاد المصري قال فيه أن مصر اجتازت أربع سنوات من عدم الاستقرار السياسي والتباطؤ الاقتصادي، وقد اختارت المضي في مسار للتصحيح والإصلاح من شأنه أن يقود الإقتصاد إلى الإستقرار والنمو إذا استمرت فيه بإصرار.

كما جاء التقرير مؤكدًا الثقة فى البرنامج الإقتصادى المصرى الذى صممته وتنفذه الحكومة المصرية، وفى قدرته على تحقيق الأهداف المرجوة والمعلنة حول زيادة معدلات التشغيل وخفض معدلات البطالة بين المواطنين، وتحقيق الإستدامة المالية والإستقرار الإقتصادى وخفض معدلات التضخم على المدى المتوسط، وتدعيم العدالة الإجتماعية وتحقيق أهداف التنمية البشرية على المدى المتوسط والبعيد، بجانب رفع مستوى معيشة المواطنين بشكل حقيقى خلال المرحلة القادمة.

كما رفعت مؤسسة فيتش للتصنيف الائتمانى تصنيفها لمصر لدرجة  Bمع الإبقاء على النظرة المستقبلية للاقتصاد عند مستقر، وتعد تلك المرة الأولى التى تقدم فيها مؤسسة تصنيف ائتمانى دولية على رفع التقييم الائتمانى لمصر منذ يناير 2011، كما أنها المرة الأولى التى ترفع فيها فيتش تقييمها للاقتصاد المصرى منذ أن أصدرت المؤسسة أول تقييم ائتمانى لمصر فى عام 1997، وبعد أن قامت بخفضه خمس مرات متتالية منذ عام 2011 وترى الوكالة تحسن درجة الاستقرار الأمنى والسياسى معتبرة أن الحكومة المصرية تبدو عازمة على تنفيذ برنامج إصلاحي واسع، كما غيرت وكالة موديز للتصنيف الائتمانى نظرتها المستقبلية لمصر من سلبية إلى مستقرة .

وأرجعت ذلك إلي استقرار الوضع السياسي والأمني وإطلاق مبادرات حكومية تهدف إلى تحقيق الانضباط المالي ومؤشرات على تعافي النمو وتحسن استقرار الاقتصاد الكلي والدعم القوي من المانحين الأجانب” ولكنها مازالت ترى أن تصنيف مصر ما زال يتعرض لضغوط من جراء “المستويات المرتفعة لعجز الميزانية وارتفاع الدين الحكومي والمتطلبات الضخمة للاقتراض المالي والتحديات المستمرة التي تواجه تعافي النمو الاقتصادي في ظل المناخ السياسي والاقتصادي بعد الثورة” وأبقت على التصنيف الائتماني عند “Caa1” وقالت الوكالة إن تدني التصنيف الائتماني “يعكس الوضع الضعيف والمليء بالتحديات الذي يعانيه تمويل الحكومة المصرية”.

بقلم – محمد رضا ،، مدير إدارة البحوث المالية والاقتصادية بشركة التوفيق لتداول الأوراق المالية

موضوعات ذات صلة
أخبار كاش