تقارير دولية تكشف.. كيف وسعت روسيا نفوذها في إفريقيا اقتصاديًا وسياسيًا؟

سلطت تقارير دولية الضوء على توسع النفوذ الروسي في إفريقيا خلال السنوات الأخيرة في مجالات الأمن والطاقة والتعدين والتعاون العسكري، في وقت تنشغل الولايات المتحدة الأمريكية بملفات أوكرانيا وفنزويلا والصراع مع الصين.
ووفقًا للتحليلات الصادرة عن مراكز بحثية غربية وإفريقية، كثّفت موسكو توقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات تعاون مع حكومات في القارة، لا سيما في دول تواجه تحديات أمنية واقتصادية وضعفًا مؤسسيًا.
وتشير هذه التحليلات إلى أن عددًا من الاتفاقيات الموقعة منذ قمة روسيا–إفريقيا عام 2019 لم يدخل حيز التنفيذ الكامل، ما عزز تقديرات تعتبرها أدوات لبناء النفوذ السياسي أكثر من كونها شراكات تنموية مستدامة.
في قطاع الموارد الطبيعية، رصدت تقارير بحثية توسع الاستثمارات الروسية في تعدين الذهب واليورانيوم بدول مثل جمهورية إفريقيا الوسطى والسودان، حيث تحصل شركات أجنبية على امتيازات طويلة الأجل مقابل تقديم دعم أمني أو سياسي، بحسب دراسات تناولت أنماط النفوذ الخارجي في القارة.
وعلى الصعيد العسكري، تُظهر بيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) أن روسيا باتت أكبر مورد للسلاح إلى إفريقيا، مستحوذة على نحو 40% من إجمالي واردات القارة من الأسلحة خلال فترة خمس سنوات، وهو ما يمنحها نفوذًا مباشرًا في قطاعات الأمن والدفاع بعدد من الدول الإفريقية.
وترى مجموعة الأزمات الدولية أن هذا التوسع لا ينفصل عن السياق الجيوسياسي الأوسع، إذ تسعى موسكو، شأنها شأن قوى دولية أخرى، إلى تعزيز حضورها في مناطق غنية بالموارد أو ذات أهمية استراتيجية، مستخدمة مزيجًا من الأدوات العسكرية والاقتصادية.
في المقابل، يحذر باحثون من أن هذا النمط من الحضور قد يرقى إلى شكل من “النيوقولونيالية”، خاصة في ظل محدودية الشفافية المحيطة ببعض العقود وتأثيرها المحتمل على سيادة الدول واقتصاداتها. ووفق دراسات لمعهد الشؤون الدولية والأمنية الألماني (SWP)، فإن طبيعة هذه الشراكات غير المتكافئة قد تُقيد قدرة الحكومات المحلية على إدارة مواردها واستقلال قرارها الاقتصادي مستقبلًا.
وبينما ترى بعض الحكومات الإفريقية في التعاون مع روسيا فرصة لتنويع الشركاء الدوليين وتقليص الاعتماد على الغرب، تؤكد مراكز أبحاث أن نجاح هذا المسار يظل مرهونًا بقدرة الدول الإفريقية على تحقيق توازن يحفظ مصالحها السيادية والاقتصادية، ويضمن أن تكون الشراكات الخارجية أداة للتنمية، لا مدخلًا لاختلالات طويلة الأمد.

