مقال .. الفراغ  المالى للدولة

 

ELALFY 234
أحمد الألفى

يعد مصطلح  الفراغ  أو الحيز المالي  Fiscal Space  للدولة من المصطلحات الحديثة نسبياّ  فى الأدب الاقتصادى ،و يحظى  حالياّ باهتمام بالغ من جانب كل من صناع السياسات المالية، ومؤسسات التمويل الدولية المعنية بمراقبة واصلاح السياسات المالية للدول ،و فى مقدمتها صندوق النقد الدولى IMF.

و يعرف الحيز المالي   للدولة بالمدى المتاح  للحكومة  في الموازنة العامة لتوفير مخصصات أو موارد مالية  اضافية  لتحقيق أهداف  اقتصادية معينة  دون التأثير على كل من استقرار المركز المالي  للدولة و مستوى معدل  النمو الإقتصادي المحقق  بالسلب ، أو بعبارة أخرى هو  مدى قدرة الحكومة على  ايجاد مصادر تمويل  جديدة  اضافية  و حقيقية  بدون التأثير  على مستوى عجز الموازنة  القائم.

و يلعب  الحيز المالى دوراّ كبيراّ  و مهماّ  فى الاقتصاد سواء فى فترات الركود أو الانتعاش الاقتصادى ، ففى فترات الركود  الاقتصادى تستخدم الموارد المالية  الجديدة التى يوفرها  الحيز المالى فى تنشيط الاقتصاد و زيادة الطلب الكلى الفعال بضخ هذه الموارد المالية فى الأسواق.

أما  فى فترات  الانتعاش الاقتصادى فتستخدم السلطات المالية فى الدولة  هذه الموارد المالية الاضافية فى ضبط  معدل النمو  الاقتصادى ومعالجة بعض الاختلالات المصاحبة له ، و لاسيما عدم العدالة فى توزيع الدخول  وفى جنى ثمار النمو الاقتصادى ،  و عملياّ ارتبط مفهوم الحيز المالى للدولة ارتباطاّ   وثيقاّ  بفترات الركود الاقتصادى و الأزمات المالية و الاقتصادية دون فترات الانتعاش الاقتصادى.

و مع هذا  ، فان  الحيز المالي للدولة يمكن استخدامه بكفاءة و فاعلية  فى أوقات  التراجع  الاقتصادى بدرجاته المختلفة ( التباطؤ و الركود ) وأيضاّ فى فترات الانتعاش الاقتصادى ، و بلا شك تكون الحاجة للحيز المالى فى  أوقات التراجع  الاقتصادى أكثر الحاحاّ  مقارنة بفترات  الانتعاش أو الرواج  الاقتصادى ، من  رحم هذا الالحاح  اقتصر ارتباط  مفهوم الحيز المالى للدولة  فعلياّ على فترات الركود  الاقتصادى و الأزمات المالية  و الدورات الاقتصادية دون فترات الانتعاش  و الرواج الاقتصادى .

و قد تصاعد الاهتمام بموضوع الحيز المالى على الصعيد الدولى فى أعقاب الأزمة المالية العالمية طبعة 2008 على خلفية الحاجة لموارد مالية اضافية ضخمة لتمويل البرامج  و الحزم المالية لتحفيز نمو الاقتصاد وتمويل شراء الأصول المصرفية المتعثرة – و لاسيما العقارية  منها – بالأموال العامة ، أو بالأحرى من أموال دافعى الضرائب.

و لا شك أن  الدول الكبرى التى فجرت الأزمة المالية العالمية ، و فى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية كان يتوفر لديها حيزاّ مالياّ كبيراّ  مكنها من توفير موارد مالية قامت بضخها فى الاقتصاد لتفادى دخوله فى دائرة الكساد ، على غرار كساد  عام 1929 المعروف فى الأدب الاقتصادى بالكساد العظيم.

و يعتمد  نطاق  أو مدى الحيز المالى  للدولة  بشكل عام على العوامل الاتية:-

1- حجم الدين العام

2- خدمة الدين العام

3- حجم عجز الموازنة

4- حجم المجتمع الضريبى ( القاعدة الضريبية )

5-  حجم الادخار القومى

والعلاقة  بين هذه العوامل و بين مساحة الحيز المالى للدولة علاقة عكسية  مؤكدة ،فكلما زاد ت  قيمة هذه العوامل، كلما ضاقت مساحة الحيز المالى  للدولة .. والعكس صحيح تماماّ ، فكلما  قلت  قيمة هذه العوامل  اتسع نطاق مساحة الحيز المالى  للدولة بشكل عام .

و حسابيًا يقاس الفراغ المالي Fiscal Space   للدولة بمؤشر أو بمقياس عام  عبارة عن الفرق  الموجب بين المستوى الحالي للدين العام والحد الاقصي للديون السيادية المدرجة  بالسجل أو بالأداء التاريخي لديون الدولة ، و بعبارة أخرى الفرق بين حجم الدين العام الحالى و بين الطاقة الاستيعابية القصوى للدولة على الاقتراض.

فكلما كان هذا الفارق الرقمى كبيراّ ، كلما كانت مساحة الحيز المالى للدولة كبيرة ، و العكس صحيح تماماّ، فكلما كان هذا الفارق الرقمى صغيراّ ، كلما كانت مساحة الحيز المالى للدولة ضئيلة  أو محدودة ، و يمكن تصور درجات مختلفة لمساحة الحيز المالى الموجب للدول اعتماداّ على هذا المقياس أو المؤشر العام ، من جهة ، ومن جهة أخرى يمكن ايضاّ تصور درجات مختلفة لمساحة الحيز المالى السالب للدول  اعتماداّ على ذات المؤشر، فيكون الحيز المالى  للدولة  سالباّ عندما   تتجاوز  قيمة حجم الدين العام الفعلى القائم للدولة قيمة الطاقة الاستيعابية القصوى لها على الاقتراض ، و تتحقق سالبية الحيز المالى للدولة فعلياّ عندما تفرط فى الاقتراض الداخلى و الخارجى و تنعدم قدرتها على السداد ، حيث يكون الناتج المحلى لها محملاّ بديون تفوق قيمته.

و بالتعبير الاقتصادى عندما تبلغ قيمة الديون السيادية منسوبة الى الناتج المحلى الاجمالى 100% ، أو تتجاوزها ، وهذا الوضع قائم بالفعل فى عدة دول داخل كتلة اليورو  و خارجها أيضا ، وفى الشرق الأوسط  و افريقيا ، مما يرشحها لتكون  دول اّيلة للسقوط المالى فى أى لحظة  بسبب سالبية الحيز المالى ، و تعد اليونان نموذج للفشل و السقوط المالى بسبب الافراط فى الديون السيادية.

– و تحليليا يقاس مدى أو نطاق الحيز المالي  للدولة  اعتماداّ على  المؤشرات  التحليلية الكمية الخمسة التالية :

 1-  مؤشر النسبة المئوية %  لقيمة الدين العام الى الناتج المحلى الاجمالى 

فكلما كانت النسبة المئوية لقيمة الدين العام الى الناتج المحلى الاجمالى  كبيرة ، كلما قلت مساحة الحيز المالى للدولة ، و كلما كانت النسبة المئوية لقيمة الدين العام الى الناتج المحلى الاجمالى  صغيرة ، كلما زادت مساحة الحيز المالى للدولة ، لأن ارتفاع هذه النسبة يعنى عدم قدرة اقتصاد الدولة على تحمل المزيد من القروض.

ونتيجة لذلك تفقد الدولة مصدر مهم للحصول على الأموال الاضافية من القروض التى تعتبر أحد مصادر التمويل  المهمة لاستخدام الحيز المالى للدولة ، أما انخفاض  هذه  النسبة فيعنى  قدرة اقتصاد الدولة على  الحصول على المزيد من القروض تستخدم الدولة حصيلتها فى نطاق حيزها المالى .

2- مؤشرالنسبة المئوية % لقيمة عجز الموازنة  الى الناتج المحلى الاجمالى 

فكلما كانت النسبة المئوية لقيمة عجز الموازنة الى الناتج المحلى الاجمالى  كبيرة ، كلما قلت مساحة الحيز المالى للدولة ، و كلما كانت النسبة المئوية لقيمة عجز الموازنة الى الناتج المحلى الاجمالى  صغيرة ، كلما زادت مساحة الحيز المالى للدولة ، لأن ارتفاع هذه النسبة يعنى عدم قدرة مالية الدولة على تحمل المزيد من القروض، لأن ارتفاع عجز الموازنة يعنى ارتفاع أعباء خدمة الدين ( فوائد و أقساط القروض ).

ونتيجة لذلك تفقد الدولة مصدر مهم للحصول على الأموال الاضافية من القروض التى تعتبر أحد مصادر التمويل  المهمة لاستخدام الحيز المالى للدولة ، أما انخفاض  هذه  النسبة فيعنى  قدرة مالية الدولة على  تحمل أعباء خدمة الدين الناشئة عن  حصول  الدولة على  قروض  اضافية تستخدمها  كموارد مالية جديدة  فى نطاق الحيز المالى المتاح لها .

3- مؤشرالنسبة المئوية% لقيمة  الايرادات الضريبية  الى الناتج المحلى الاجمالى

 

فكلما كانت النسبة المئوية لقيمة  الايرادات الضريبية الى الناتج المحلى الاجمالى  كبيرة ، كلما قلت مساحة الحيز المالى للدولة ، و كلما كانت النسبة المئوية  لقيمة  الايرادات الضريبية الى الناتج المحلى الاجمالى  صغيرة ، كلما زادت مساحة الحيز المالى للدولة ، لأن ارتفاع هذه النسبة يحد  من قدرة  الدولة على فرض ضرائب

اضافية تستخدم حصيلتها  فى تمويل حيزها المالى ، وانخفاض  هذه النسبة يزيد من قدرة  الدولة على فرض ضرائب اضافية   تستخدم حصيلتها  فى تمويل حيزها المالى ، لأن ارتفاع  النسبة المئوية لقيمة  الايرادات الضريبية الى الناتج المحلى الاجمالى  يعنى استنفاذ المقدرة التكليفية للمجتمع  الضريبى فى معدلات الضرائب القائمة ، مما يحد من امكانيات فرض ضرائب اضافية فى نطاق الحيز المالى للدولة ، ونتيجة لذلك تفقد الدولة مصدر مهم للحصول على الأموال الاضافية من الضرائب التى تعتبر أحد مصادر التمويل  المهمة لاستخدام الحيز المالى للدولة .

فاذا فرضت الدولة ضرائب اضافية فى ظل ارتفاع النسبة المئوية لقيمة  الايرادات الضريبية الى الناتج المحلى الاجمالى ، فان النتيجة ستكون عكسية ، حيث ستزداد حالات التجنب و التهرب الضريبى ، مما يؤدى الى تراجع قيمة الحصيلة الضريبية الفعلية.

4- مؤشرالنسبة المئوية % للمجتمع الضريبى( القاعدة الضريبية ) الى اجمالى السكان

يقصد بالمجتمع الضريبى أو القاعدة الضريبية أجمالى الممولين الخاضعين للضرائب  المباشرة  أى  ضرائب الدخل  ، و تستبعد الضرائب غير المباشرة لأنها تفرض على الاستهلاك و ليس مباشرة على الدخول ،فكلما كانت النسبة المئوية للمجتمع الضريبى( القاعدة الضريبية ) الى اجمالى السكان كبيرة ، كلما قلت مساحة الحيز المالى للدولة.

وكلما كانت النسبة المئوية للمجتمع الضريبى( القاعدة الضريبية ) الى اجمالى السكان صغيرة أو متوسطة كلما زادت مساحة الحيز المالى للدولة ، لأن ارتفاع هذه النسبة يحد من قدرة الدولة على ادراج المزيد من الممولين الى القاعدة الضريبية ، و انخفاض هذه النسبة يزيد من قدرة الدولة على ادراج المزيد من الممولين الى القاعدة الضريبية ، وتعانى الدول النامية  بشكل عام من زيادة نسبة الاقتصاد غير الرسمى ، و زيادة معدلات التهرب الضريبى ، مما يعلق مساحة  حيزها المالى على مدى نجاح سياساتها الضريبية فى ضم  قطاع كبير من الاقتصاد غير الرسمى الى الاقتصاد الرسمى، و الحد من معدلات التهرب الضريبى المرتفعة ، فهذه الدول تحتاج الى منظومة اصلاح ضريبى أولا ، قبل  التعامل مع قضية الحيز المالى ، لأن الاصلاح الضريبى  الحقيقى يؤدى الى زيادة  الحصيلة الضريبية.

5- مؤشرالنسبة المئوية % لقيمة الادخار القومى الى الناتج المحلى الاجمالى

يقاس الإدخار القومى  بالفرق الموجب بين الناتج المحلي الإجمالي و الإستهلاك  و عادة ما يعبر عنه كنسبة  مئوية من الناتج المحلي الإجمالي ،  تسمى معدل الادخار القومى ، و تعتمد  قيمة  كل من الادخار القومى و الاستهلاك القومى على قيمة الدخل القومى ، فكل من الادخار و الاستهلاك دالة فى الدخل  بحسب التعبير الاقتصادى ، و يترتب على ذلك أن ارتفاع معدل الادخار القومى يسمح بنطاق متسع من الحيز المالى للدولة ، بينما انخفاض معدل الادخار القومى يحد من نطاق  الحيز المالى للدولة ، لأن ارتفاع معدل الادخار القومى يعكس كفاية الدخل لكل من الاغراض الاستهلاكية و الادخارية معًا.

فالدول ذات معدل الادخار القومى المرتفع يمكنها سحب جانب من الدخول الموجهه للاستهلاك وضمها الى حيزها المالى دون احداث تراجع  فى معدل الادخار القومى ، أما الدول ذات معدل الادخار القومى المنخفض  ،فلا يمكنها  عمل ذلك لأن سحب جانب من الدخول الموجهه للاستهلاك وضمها الى حيزها المالى سيؤدى حتما الى احداث تراجع   كبير فى كل من  معدل الادخار القومى و الاستهلاك القومى معاّ ، لذلك يكون نطاق الحيز المالى محدوداّ  فى الدول ذات معدل الادخار القومى المنخفض .

 

و بطبيعة الحال ، لا يمكن تناول المؤشرات التحليلية الحاكمة لتحديد نطاق الحيز المالى للدولة بمعزل عن بعضها البعض ، بل يتم تناولها و قياسها معاّ ، و يرجع ذلك الى علاقات التداخل و التشابك  و التاثير المتبادل بين المتغيرات الاقتصادية المختلفة  المؤثرة فى تحديد نطاق الحيز المالى للدولة ، حيث توجد علاقة سببية بين  قيمة  كل من الدين العام و عجز الموازنة و الايرادات الضريبية ، فزيادة الدين العام تؤدى تلقائياّ الى زيادة عجز الموازنة نتيجة للزيادة فى أعباء خدمة الدين.

كما يؤدى انخفاض الحصيلة الضريبية الى زيادة عجز الموازنة و الى زيادة الدين العام بسبب زيادة التمويل بالعجز الناتج عن عدم كفاية الحصيلة الضريبية ، كما يؤدى انخفاض حجم القاعدة الضريبية الى انخفاض الحصيلة الضريبية التى تؤدى بدورها الى تراجع الايرادات السيادية و زيادة عجز الموازنة ، أما الناتج المحلى الاجمالى الذى تنسب اليه هذه المتغيرات ، فتتحدد  قيمة كل من الاستهلاك و الادخار القومى  وفقاّ  لمدى كفايته ،  لأن كل منهما دالة فى الدخل القومى  ، فاذا  كان الدخل القومى كبيرًا- منسوباّ لعدد السكان –  يزيد بالتبعية كل من الاستهلاك و الادخار القومى ، مما يفتح المجال أمام صناع السياسة المالية لجلب المزيد من الايرادات السيادية تلقائيًا .

و تقل الحاجة الى الاقتراض  ، ومن ثم ينخفض كل من عجز الموازنة و الدين العام ، أما  فى حالة محدودية الدخل القومى- منسوباّ لعدد السكان –  فينخفض بالتبعية كل من الاستهلاك و الادخار القومى ، حيث يضطر صناع السياسة المالية  الى  التوسع  فى الاقتراض  بسبب عدم كفاية الدخل القومى لتوليد الايرادات السيادية الكافية ، ومن ثم يرتفع كل من عجز الموازنة و الدين العام.

وهكذا تتضافر علاقات التشابك  و التداخل بين هذه المتغيرات الاقتصادية المحددة لنطاق الحيز المالى بشكل بالغ التعقيد ، مما يحد من الامكانيات العملية لتحديد الحيز المالى بدقة، و نظراّ لأن أى سياسة مالية تنطوى على تكاليف اقتصادية يتعين دفعها ، و على منافع اقتصادية يتوقع اكتسابها، و سداد التكلفة مقدم  دائماّ  على جنى المكاسب أو الأرباح  ، و ذلك بحسب  كل من المنطق الاقتصادى والتجارى و  المالى.

و يترتب عل ذلك اختلاف مساحة و نطاق الحيز المالى للدولة اعتماداّ على المؤشرات التحليلية  الكمية الحاكمة لحجم و نطاق الحيز المالى لمالية الدولة ، و برغم  أهمية هذه المؤشرات الكمية و دلالاتها الاقتصادية  ، الا أن  ثمة عوامل أخرى  كيفية يصعب  اخضاعها  للقياس الكمى ، وتتمثل هذة العوامل فى  التكلفة الاجتماعية و السياسية للحيز المالى للدولة ، لأن الحيز المالى للدولة ما هو الا أحد السياسات المالية للدولة التى سيترتب عليها اعادة توزيع الدخول ، فلكل من الكيفية  والآلية التى سيتم بمقتضاها عملية اعادة توزيع الدخول المصاحبة لسياسة الحيز المالى للدولة دور مهم فى احتساب التكاليف الاجتماعية لسياسات الحيز المالى ، أما   تمويل الحيز المالى للدولة بالحصول على القروض  و المنح الخارجية فيتضمن تكلفة سياسية ، لأن هذه القروض و المنح غالباّ  ماتكون مقيدة الاستخدام فى اغراض استخدامات محددة تخدم  مصالح الدول المانحة  لها بدرجة أكبر من خدمتها  لمصالح  الدول المتلقية لها.

و من أهم الأدوات المالية لانشاء الحيز المالى للدولة ، الادوات التالية؛-

1– الاقتراض الداخلى و الخارجى

2- زيادة الضرائب

3- تقليص الاعفاءات الضريبية

4-الحصول على المنح الخارجية

5- تقليص الانفاق العام

6- تشجيع  الاستثمار الأجنبى المباشر

و بالنسبة للدول النامية ، فالأجدى لها أن تكون أكثر شفافية و فاعلية فى محاربة الفساد  المالى المتفشى فيها ،و أن تحد من الانفاق العسكرى الذى يلتهم الكثير من مواردها هباءاّ ،  فهذا  فى حد ذاته كفيل بانشاء حيز مالى تلقائى  و كبير لها دون أن تحمل  شعوبها  فاتورة التكاليف الاجتماعية و السياسية الكبيرة .

فالشعوب هى التى تدفع  ثمن خطايا  السياسات المالية سواء كانت انكماشية  أو توسعية داخل أو خارج الفراغ المالى للدولة ، من جهة ، ومن جهة أخرى لا ينشأ الفساد المالى  كظاهرة  مستقلاّ  عن الفساد السياسى ، فالفساد السياسى  يعد المظلة التى يحتمى بها الفساد المالى ،  وتاريخياّ وعملياّ تفتقر  سياسات الاصلاح المالى الى الواقعية بعدم ربطها بالاصلاح السياسى.

حيث يستحيل  ايدولوجياّ وعملياّ   احراز أى اصلاح مالى دون اجراء  اصلاحات سياسية جذرية ، فالاصلاحات السياسة  تعد مقدمة للاصلاحات المالية ، والاصلاحات المالية تعد نتيجة للاصلاحات السياسة ، و هيهات أن تكون العكس ، لأن  الانفاق العام يعتبر ظاهرة سياسية  فى المقام الاول ، برغم  ارتدائها  للثوب  أو للنقاب الاقتصادى.

CNA– مقال بقلم – أحمد الألفى ،الخبير المصرفى المصرى

موضوعات ذات صلة
أخبار كاش