مقال| جائحة كورونا وتعديل معايير المحاسبة الدولية

أحمد الألفي

فى أعقاب جائحة كورونا ظهرت بعض المطالبات من مختصين فى عدة دول منها دول عربية تطالب بتعديل معايير المحاسبة الدولية ، حيث تطالب بإصدار معيار محاسبي خاص للتعامل مع اّثار جائحة كورونا على البيانات المالية للشركات والبنوك، ولقد انتقيت من هذه المطالبات نصاّ، المطالبة التالية:

أعتقد بأن لجنة معايير المحاسبة الدولية والجهات الرقابية يجب عليها التفكير جدياّ و بسرعة إصدار تعديل لبعض المعايير الدولية أو حتى إصدار معيار محاسبي خاص للتعامل مع اّثار جائحة كورونا على البيانات المالية للشركات و البنوك.

حيث أن أثار هذه الجائحة ستؤدي إلى تشويه البيانات المالية لتلك الشركات وأدائها التاريخي وتاّكل رؤوس أموالها وقيمتها السوقية وإستمراريتها وما يلحق ذلك من تبعات على الشركات والموظفين وتراجع إيرادات الدول من الضرائب وزيادة العجز والاقتراض وغيرها ، حيث يمكن التفكير في رسملة كامل مصروفات تلك الشركات خلال فتراتالحظر وإستهلاكها على مدى ٥ سنوات قادمة.)

ولا شك أن اّثارجائحة كورونا قد ألقت بظلالها على اقتصادات معظم دول العالم سواء غنية أو فقيرة ومتقدمة أو متخلفة، فالتراجع فى معدلات النمو كبير و الهلع من الدخول فى الكساد إحتمال قائم وبقوة، ومحاذير عودة الموجة الثانية من الجائحة ليست بعيدة.

لذلك فإن المطالبات بتعديل معايير المحاسبة الدولية للتقليل مع اّثار جائحة كورونا على البيانات المالية للشركات والبنوك حفاظاّ عليها من الإنهيار تعد مطالبات لها وجاهتها على إعتبار ان جائحة كورونا تعد ظرفاّ إستثنائياّ و تتطلب معالجته إصدار قواعد و معايير إستثنائية، من جهة، ومن جهة أخرى تعتبر جائحة كورونا من أعمال القوة القاهرة.

ولكن بمناقشة المطالبات بتعديل معايير المحاسبة الدولية للتقليل مع اّثار جائحة كورونا على البيانات المالية للشركات والبنوك بشكل موضوعى و تحليلى، نجد أن جوهر هذه المطالبات يرتكز على إعتبار كافة مصروفات الشركات و البنوك خلال فترات الإغلاق بمثابة مصروفات رأسمالية واستهلاكها خلال خمسة سنوات قادمة، بمعنى تحميلها على مصروفات السنوات القادمة.

ويترتب على ذلك حذفها من قائمة الدخل و إضافتها لجانب الأصول فى قائمة المركز المالى تحت بند نفقات إيرادية مؤجلة – أو تحت أى مسمى اّخر ) لعام 2020 أى عام الجائحة، الأمر الذى سيؤدى إلى إظهار ربح غير حقيقى فى قائمة الدخل أو خسائر أقل من حجمها الفعلى – بحسب مدى تأثر كل شركة بالجائحة – ففى الحالة الأولى عند إظهار ربح غير حقيقى فى قائمة الدخل فسوف تدفع هذه الشركة ضرائب على أرباح غير محققة أصلاّ ، فضلاّ عن مطالبات حملة الأسهم بحصتهم فى هذه الأرباح غير الفعلية .

ومن جهة أخرى يشوب هذا الإقتراح إهدار للمبادئ المحاسبية، حيث إعتبر المصروف الإيرادى مصروفاّ رأسمالياّ خلافاّ لطبيعته و الغرض من إنفاقه فالمصروف،الإيرادى يتم إنفاقه بغرض تحقيق الأيرادات خلافاّ للمصروف الرأسمالى الذى يتم يتم إنفاقه بغرض إقتناء و/ أو تحسين كفاءة الأصول الثابتة، ويؤدى الخلط بينهما إلى تشويه القوائم المالية على النحو التالى:-

1- فى حالة إعتبار المصروف الإيرادى مصروف رأسمالي – تضخيم رقم الأصول فى الميزانية

– تضخيم رقم الأرباح فى قائمة الدخل

2- فى حالة إعتبار المصروف الرأسمالي مصروف إيرادى

– تقليل رقم الأصول فى الميزانية

– تقليل رقم الأرباح فى قائمة الدخل

كما يهدر هذا الإقتراح مفهوم الفترات المحاسبية، حيث يتعين تحميل كل فترة محاسبية بالمصروفات الإيرادية الخاصة بها .

وعمليًا نجد أن هذا الإقتراح ينصب فقط على المعالجة المحاسبية و التى يمكن أن ترحل أو تقسط المشكلة لعدة سنوات تالية.

وبطبيعة الحال لن تؤدى أى معالجة المحاسبية إلى إنعاش الإقتصاد الذى ترقد معظم شركاته و أفراده فى العناية المركزة، بيد أناّثار جائحة كورونا تعد أعمق من مجرد المعالجة المحاسبية بكثير، فتجميل القوائم المالية لن يحسن من الأداء المالى و الإقتصادى للشركات و البنوك، المسالة تتطلب حزمة من الإجراءات الإقتصادية و الطبية معاّ، و من أهمها الإجراءات التالية :

1- تكثيف الإنفاق على القطاع الصحى و لا سيما قطاعى البحوث و الطب الوقائى

2- تطبيق إجراءات طبية وقائية صارمة لتجنب إعادة إغلاق الإقتصاد مرة أخرى3- ضخ مزيد من الأموال فى كافة القطاعات الإقتصادية4- تحفيز الإستهلاك القومى بمنح الخصومات ومنح الإئتمان الإستهلاكى

5-إعادة جدولة ديون الشركات التى تأثرت بالجائحة على اّجال طويلة و بفائدة ميسرة

6- إيجاد منظومة إلكترونية فعالة و متطورة لأداء الأعمال عن بعد

و لعل من أهم الدورس الإقتصادية المستفادة من جائحة كورونا, الدروس التالية:-1- أهمية الإدخار2- أهمية الإعتماد على الذات

3- الإقتراض إستثناء وليس القاعدة

4 -الأهمية القصوى لعودة الدولة للتدخل فى الإقتصاد

5- العلم أغلى من المال، فالمال لا يشترى العلم

6- الإنفاق على التسليح لن يحارب الفيروسات

قول غير مأثور

هل أكل الخفافيش السبب فى فيروس كورونا ؟؟

لا أعتقد ذلك، لأن الخفافيش لا تأكل السحت !!

CNA– مقال بقلم،، أحمد الألفي، كاتب وخبير مصرفي مصري

موضوعات ذات صلة
أخبار كاش